انتبهت الدول المتقدمة مبكرا للدور المحوري للمرأة في التنمية، فتكاتفت الجهود لتمكين المرأة والعمل على تعزيز الروابط المتعدّدة التي تجمع بين الحماية الاجتماعيّة الأفضل والتمكين الفعّال للمرأة والفتاة.
وتعتبر تدابير الحماية الاجتماعيّة الشاملة من الأدوات الفعّالة لاستئصال الفقر، وتعزيز الاندماج وتوفير حياة كريمة خاصة في مجتمعات دول العالم وتكريس واقع أكثر مساواة تستفيد منه بالدرجة الأولى المرأة.
وتتحمل المرأة عبءًا غير متناسب من أعمال الرعاية غير المدفوعة الأجر، وهي أكثر عرضة من الرجال للعمل في القطاع غير الرسميّ، وفي وظائف متدنّية الأجر وغير مستقرّة، ما يعيق وصولها إلى مزايا الضمان الاجتماعيّ، على غرار التأمين ضدّ البطالة أو معاشات التقاعد.
وبحسب إحصائيات أممية ودولية، تعمل حاليًّا حوالى 740 مليون امرأة في الاقتصاد غير الرسميّ، أمّا في البلدان المنخفضة الدخل، فتعمل 92 في المائة من النساء بشكل غير رسميّ، مقارنة مع 87.5 في المائة من الرجال.
وحتى عندما تتمتّع المرأة بتغطية ملائمة نسبيًّا، يبقى معاش المرأة التقاعدي أدنى قيمة من معاش الرجل، ففي الاتّحاد الأوروبيّ مثلاً، لا يزال متوسّط معاش المرأة التقاعديّ أدنى مستوى من متوسّط معاش الرجل التقاعديّ بنسبة 40 في المئة.
ووفق منظمات نسائية يجب أن تأخذ معاشات التقاعد بعين الاعتبار العبء غير المتكافئ لأعمال الرعاية غير المدفوعة الأجر الذي تتحمّله المرأة، بما في ذلك السنوات التي تكرّسها لتربية أطفالها التي ربما تمنعها من تقديم مساهمات متساوي
وللتدابير الرامية إلى النهوض بالرعاية الصحيّة الشاملة فوائد عظيمة بالنسبة إلى المرأة، لأنّها تخفّف من كلفة العمل الذي تؤديه في رعاية الآخرين
ولا تُقدّر الخطوات المماثلة بثمن، ولكن، بهدف تحقيق أقصى قدر ممكن من التأثير ووضع حدّ لممارسات ضارة وتمييزيّة دامت عقودا عدة وعايشتها أجيال
ويجب أن تتضمّن برامج التأمين الصحيّ الوصول إلى خدمات الصحّة الإنجابيّة وإلى المعلومات الخاصة بها، حتى تتمكن النساء والفتيات من الظفر بالمساواة
نحتاج إلى خدمات لرعاية الأطفال تعين المرأة على القيام بدورها و الوصول إلى فرص العمل، كما نحتاج إلى أنظمة تعليميّة تتصدّى للقوالب النمطيّة الضارة وتقضي عليها
وبالتوازي مع كل ما سبق نحتاج إلى أنظمة ضمان اجتماعيّ تنطوي على خطط غير اكتتابيّة تدعم الشباب في بحثهم عن عمل لائق وتساعدهم على إطلاق العنان لكامل إمكاناتهم
وتقدّر منظّمة العمل الدوليّة أنّ الأنظمة التي تقدّم مزايا الأمومة لجميع الأمّهات، والمزايا لجميع الأشخاص ذوي الإعاقات الشديدة، ومعاشات تقاعد شاملة، لا تكلف سوى ما معدله 1.6 في المئة من الناتج المحليّ الإجماليّ
وحتى أفقر البلدان يمكنها أن تتحمّل أنظمة الحماية الاجتماعيّة الشاملة، لكنّ الأمر يتطلب إرادة سياسيّة جادة
تواجه اليوم حركة حقوق المرأة مراحل من تاريخها محفوفة بالتحدّيات، فبعد عقود من التقدم، يتمّ تأجيج عواصف هوجاء تسعى إلى صدّ المرأة وإخضاعها من جديد
ومنذ خمس وعشرين سنة، حدّد إعلان ومنهاج عمل بيجين إجراءات عمليّة تضمن تمتّع المرأة بقدر أكبر من المساواة في الوصول إلى الضمان الاجتماعيّ
لسان حال الواقع العالمي في الوقت الراهن يقول يجب أن نستمرّ في المضيّ قدمًا من أجل النهوض برفاهية المرأة، وكرامتها استقلالها وحقوقها
